![]() |
<شارع الأميرات لجبرا ابراهيم جبرا |
1- (( ولكنني كنت إلى ذلك كله أغالب تلك الأحاسيس المظلمة بضرب من العناد الذي يصرّ عليّ بأن امتلك من الحياة كل مايثير الخيال والحواس جميعاً، ولعل الحزن والفرح ماكانا إلا وجهين لتجربة وجودية واحدة أقتنصها، ولا أتنازل عنها، واريد التعبير عنها فيما اكتب، مهما تكن اللغة التي اكتب بها )) "46"
2- (( وشعرت أنني حتى تلك اللحظة، وقد دخلت التاسعة والعشرين من عمري، مازلت اصارع تلك الحمى الرهيبة، حمى الكتابة، منذ مراهقتي، ولكنني لم انجز إلاّ روايتين قصيرتين لم أنشرهما، وبضع قصص قصيرة بعضها لم يتكامل بعد، وكثيراً من الشعر احتفظ بمعظمه لنفسي، وعدداً من المقالات، إضافة إلى ماكنت أذيعه منها بالراديو، بدأت أنشرها في الأشهر الأخيرة، ولكنها لاترضيني كثيراً )) "76"
3- (( لا أشك في أن كل حضارة في التاريخ شهدت أناساً يُعرفون بالمشائين، من شأنهم أن يحبوا السير على القدمين كرياضة بدنية ورياضة عقلية معاً، ويجعلون الأولى وسيلة لتنشيط الثانية، فتنطلق أفكارهم وهم يسيرون المسافات اثنين اثنين، أو أكثر. وقد يقصرون سيرهم على مسافة داخلية محدودة، في حديقة أو بستان، يقطعونها روحةً وجيئةً، طلباً للمزيد من الأفكار التي يناقشونها من شئوون العقل والعاطفة والمسلكة الإنسانية، ويدركون في مناقشاتهم المشاءة ما قد لا يتوصلون إليه وهم قاعدون في حجراتهم.
وقد يكون من دأب بعض هؤلاء المشائين أن يتريض سيراً على القدمين بمفرده، فتأتيه الأفكار على ايقاع السير، وتتهادى الذكريات، وتتسارع الخواطر، غريبة أحياناً، جريئة أحياناً، مذهلة كاشفة، مقلقة - بقدر مالها أن تكون أيضاً مجرد تداعيات أقرب إلى أحلام اليقظة، التي ما أن يتوقف المرء عن السير حتى تتلاشى. ونحن نعلم أن الكثير من الأفكار الفلسفيية اليونانية تبلورت في أذهان أصحابها وهم يتمشون ساعات طوالاً في أكاديمية أفلاطون وأرسطو. ولا أشك في أن سقراط، أباهم جميعاً، كان أعظم المشائين)) "87"
4- (( في يوم مضى كنت أتساءل، كلما فرغت من تهيئة كتاب جديد: كم فنجاناً من القهوة شربت على هذا الكتاب؟ وكم غليوناً دخّنت، وكم اسطوانة وشريطاً من الموسيقى سمعت؟
وفي السنوات الأخيرة أدركت أن علي أيضاً أن أتساءل: وكم كيلومتراً في كم طلعة وطلعة مشيت في شارع الأميرات لأكتب ماكتبت؟ )) "103"
5- (( فالفنان ما أكثر الأقنعة لديه، لأنه حتم عليه أن يحيا أكثر من حياة، وأن يحيا أكثر من الآخرين. وكل عمل فني يبدعه إنما هو قناع آخر عاش به إحدى تلك الحيوات، ويقدّمه للآخرين لكي يرتدوه في ساعات الزخم من تجاربهم )) "172"
6- (( من "أوجه" الحقيقة الكثيرة يصنع الفنان للآخرين "وجوهاً" هم بحاجة إليها ))
7- (( شعرت كم هي عادلة وإنسانية هذه الشريعة التي لاتطلب، تحقيقاً لعقد قرانٍ بين رجل وامراءة، سوى موافقة الواحد على الآخر، وشاهدين اثنين على ذلك )) "240"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق