![]() |
مرايا الذاكـــــــرة لعلي أومليل |
1- (( بسطت أوربا سلطانها على البحار وحاصرت أوطانك
فهبط قومك إلى أغوار النفس يتصوفون. الجذبة والرعشة البكر كلما اشتد
"الحال" بالمتصوف. فقد قومك السيطرة على المكان فتحصنوا في أعماق النفس.
احتل العدو الشواطئ والقلاع وعجزوا عن جهاده فأعلنوا الجهاد على الجسد. يولج
المتصوف الموت في الحياة ويولج الحياة في الموت. يتذكر الموت على مدار الحياة.
يروضه وهو حيوان كاسر ليصير أليفاً. يستحضره قبل الحضور. حتى إذا جاءه انساب فيه
مجتازاً عتبته في طمأنينة. موته يعنيه وحده فيدبر أمره معه وحيداً. التصوف تربية
على الموت. عزلة الكبرياء. زهد في الدنيا أو انسحاب مدروس منها لتأتي إليه الدنيا
زاحفة على بطنها )) "18"
2- (( الموضة نتاج الزمان الغربي. الموضة
ابتكارات تلهث وراء زمان يتسارع فيه تغير الأذواق، لكن الموضة عابرة تتقادم. لابد
إذن من كسر الرتابة والانفلات من دوران العادة بابتكار جديد لمواكبة زمن متسارع.
مشاهير الموضة هم الشهود على حداثتها لمجرد أنهم مبتكروها. الموضة تسارع زمان
الغرب المتقلب. تصل إلينا فنسايرها قدر المستطاع. مجرد تقليد، فزماننا بطيء ))
"95"
3- (( وهل يقدر على جمع شتات الذات من قضى
عمره والرأس مملوءة بأفكار شتات؟ أحياناً ينتظم الشتات في عقد واحد، لكن العقد ما يلبث
أن ينفرط فتتشتّت الأفكار، اختلطت أفكار وافدة من هنا وهناك ومن القديم والحديث
فكيف الوصول إلى السكينة؟ كانت الأفكار في مجتمعنا القديم تدور حول نفسها ولا
أفكار تأتي من وراء البحار. اختلف الأمر مع المدّ الاستعماري، ثم جاء عصر التواصل
الكثيف والسريع فتقاطرت الأفكار والأخبار. الهّوة أصبحت أكثر اتساعاً بين ما في
الفكر وبين ما هو عليه الواقع. لا استقرار للواقع ولا سكينة في النفس. اليقين فقط
عند الإسلاميين الذين أداروا ظهورهم للعالم. تحصّنوا بعقيدة صمّاء كحجر الصوان
فأصبحت عقولهم لا ينفُذ إليها شيء من الخارج )) "152"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق